لندن - محمود الربيعي- كاتب وباحث (من العراق) - 28-08-2016:

القيم المعرفية في أدعية الإمام الصادق عليه السلام - القراءة الأولى ( ١ ):

الإمامة و الإمام: تقوم الإمامة عند الشيعة الإثني عشرية

 

على أساس النص يأذن الله عز وجل ويختار من خلقه أصفياء وأمناء ونجباء  هُم في حقيقتهم سعداء هذه الأمة.

ومن أهم صفات الإمام أن يكون خازناً للعلم والداعي إليه بالحق وأنه النور المبين الذي يشرف بعلمه على الأمة، وأما نُطْق الإمام فهو معدن كلامه تعالى ووحيه ولسان توحيده وولي أمره والمستحفظ لدينه.

لذلك فليس من الحق أن يتقمص هذا الدور أي مُدَّعٍ كان  لاتليق به صفة الإمامة  أي من ليس له وزن في معرفة الله  ولاتربطه صلة به تعالى..  وعليه فإن الإمام المنصوص على إمامته هو فقط الخليفة الشرعي وهو الولي والحجة وهو صفي الله ولابد للمسلمين جميعاً  بل الخلق كلهم الإقرار بإمامته وطاعته، ومن وجوب طاعته تعالى الصلاة عليه ( أي على الإمام ) وعلى جميع الأصفياء والحجج أي الأئمة المنصوص على إمامتهم من أهل بيت العصمة والطهارة.

وجوب محبة الإمام المعصوم وطاعته: إذ لابد من مودة الإمام المعصوم ومحبته ومرافقة أولياءه وبِرِّهِم وهو أمر يتطلب القرب من الإمام والتجمع حوله وإستماع أقواله والعمل بها ونشرها في أوساط العامة من الناس سواء داخل الأسرة وفي المحيط الذي يعيش فيه التابعين للإمام.

صفات الموالي للإمام المعصوم: إن من أهم صفات أولياء الإمام المعصوم أن يبغض المعصية والحرام وأن يلتزم بجميع تعاليم الإسلام والقرآن  وأن يظهر المودة والمحبة له  والبغض لأعدائه، وينبغي أن يسود هذا الشعور جميع أهل المودة من أهل الشرق والغرب من المؤمنين والمؤمنات في كل زمان بحيث يرتبط الماضي بالحاضر والمستقبل وخاصة في حالات التعلم والتعليم في أوساط الأخيار.

التفـاعل مع دعـاء الإمام المعصوم وزيارته حياً أو ميتـا:ً ويمكن للمؤمن أن يكون قريباً من الإمام المعصوم عليه السلام عندما يحضر مجلسه ويستمع إلى كلامه ونصائحه وإرشاداته وأن يتفاعل مع دعائه عليه السلام أثناء الصلاة وعقب الصلاة ففي الدعاء مفاهيم وتعاليم عظيمة لايمكن أن يستغني الموالي عنها، كما يتحقق ذلك أيضاً بالأدعية المأثورة عن الإمام المعصوم بعد وفاته كما هو حاصل في قراءة المأثور منها في كتب الأدعية كمفاتيح الجنان وضياء الصالحين والأدعية ذات الأهمية الخاصة الواردة في الصحيفة السجادية الكاملة كما هو المشهور.. وينبغي المشاركة الجماعية في الدعاء الذي يؤديه المؤمنون في مساجدهم وجوامعهم وهم يدعون لأنفسهم ولغيرهم من المؤمنين والمؤمنات.. كما أن من أعظم الأعمال زيارة مشاهد الأحباء الأولياء من الأئمة المعصومين عليهم السلام في كل من العراق والحجاز وإيران في مدن النجف وكربلاء والمدينة المنورة والكاظمية ومشهد وسامراء ففيها مراقد المعصومين الأربعة عشر عليهم أفضل الصلاة والسلام.

————————————————————

القيم المعرفية في أدعية الإمام الصادق عليه السلام

القراءة الثانية ( ٢ ):

نود الإشارة الى أهمية قراءة الأدعية المأثورة في مصادرنا من الكتب المأثورة من تراثنا الخالد الذي يزخر بكنوز الأدعية العالية والرفيعة مما أشتهر عن علمائنا الأفاضل الذين توارثوا منهج هذه القراءة التي حرص عليها الأولون والمتأخرون والتي يدعون بها في حضرة المشاهد المقدسة في كل من العراق والشام والحجاز وإيران وكذلك في مختلف البقاع المباركة من الأرض في القرى والأرياف المنتشرة التي تضم فيها رفات الأجساد الطاهرة من ذراري الأئمة وأصحابهم ومواليهم ممن إجتهدوا في حفظ الشريعة من الأعلام والنبلاء والشهداء.. فتراثنا يمتلئ بالأدعية المأثورة التي نشرها ائمتنا المعصومين عليهم السلام في مساجد الكوفة والمدينة ومكة سواء في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ومساجد نمرة والخيف وبقية المساجد الأخرى.

إن الدعاء يكتسب أهمية بالغة عندما يتوضأ الإنسان ويلبس ثيابه الطاهرة ويفرش سجادته مستقبلاً القبلة وهو يمتع نظره بقراءة الدعاء في كتاب مفاتيح الجنان وضياء الصالحين ويفكر في كلمات تلك الأدعية وهو يوازن بين واقع حاله ومايفترض من العبد من الإنسجام بينه وبين مضامين الدعاء العظيمة متذللاً منكسراً منيباً مذعناً متفاعلاً في لقاءه وهو واقف بين يدي ربه يناجيه ويشكو إليه ويقدم حاجاته بين يديه طالباً العون والثبات على خلاف مانراه اليوم من قراءاتنا للأدعية من خلال الواتس أب والفايبر وغيرهما مما ليس له أثر في النفس غير الملل والتشنج والتفاعل مع الأجهزة الصماء التي يخلو منها الصفاء والنقاء والحضور والركوع والسجود والقنوت ومن مقدماته من النية والوضوء والوقوف والإعتكاف والخلوة الصافية في المسجد والمقام وغرف العبادة ومشاهد الأولياء.

تناول التوبة بين مكارم الأخلاق وحالات النفاق:

إن من أبرز توجيهات الأئمة عليهم السلام دعوة الناس الى التوبة ورفع نسبة الأخلاق في الشخصية المؤمنة ومحاربة النفاق داخل النفس الإنسانية وداخل الجماعة واللجوء الى الله بطلب المعونة.

وأما التوبة  فهي موجبة لتهوين سكرات الموت والحشر في زمرة محمد وآل محمد ( ص ). وأما دعاؤه عليه السلام فمنه " إجعل لشيعتي نجاة من النار ووقاءً ولهم عندك رضا فاغفر لهم ذنوبهم ويسر امورهم واقض ديونهم واستر عوراتهم وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم.يامن لايخاف الضيم ولاتأخذه سنةُ ولانوم إجعل لنا من كل غم فرجاً ومخرجاً " فما أروع هذا الدعاء الصادر عن الإمام المعصوم الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام.

والأخلاق في نظر الإمام المعصوم هي حسن الخلق وسعة الصدر ... والإبتعاد عن البخل أو المنع. وفي المقابل فإن النفاق يدعو إلى الكذب والبهت في القول وقول الزور.

الزكاة والحج ركنان أساسيان في الإسلام: و يدعو الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام الى شرح الصدر لإيتاء الزكاة وبذل المعروف والإحسان الى شيعة محمد وآله صلى الله عليه وآله، ومواساة الشيعة،كما يدعو الى الإهتمام بحج البيت وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وقبور الأئمة عليهم السلام.

العبادة و الرابطة بين العبد وربه: يركز الإمام عليه السلام على النشاط في العبادة وعدم التقصير. وعدم الإستهانة بها وعدم التراخي عنها ويدعو عليه السلام ربه الى توفيق المؤمنين لتأديتها ومن علامات العبادة غزارة الدمع.. والعَبرة الجارية.. وبالنتيجة القرب منه تعالى.

الروابط العائلية والإجتماعية: يؤكد الإمام على أهمية الروابط الأسرية بإعتبار أن الأسرة هي حجر الأساس في المجتمع لذلك أوصى الإمام بركائز الأسرة بدءأً بالوالدين والإخوان والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات والأجداد والجدات والأولاد.. ويضاف إليها روابط الأصدقاء والجيران والإخوان في الدين.

السلام في الناس: ومن علاماته إفشاء السلام وتبليغه بين جميع هذه الروابط الآنفة الذكر فإن فيها حياة للروح والبدن لما فيه من التأثير الخارجي والتأثيرات الداخلية في النفس.

الأئمة هم الوسيلة: ومن المؤكد أن الأئمة عليهم السلام هم الوسيلة والذريعة إليه تعالى فإذا مااجتهد المؤمن في الإيفاء لحق الموالاة تحقق الأمل في تلك الموالاة حيث يعمل الإمام المعصوم ويهتم بتربية الإنسان والإرتقاء بعقله للإقتراب من درجة الكمال وتحقيق العز ورجاحة العقل وذلك عندما يكون أثره العمل الكثير والأدب البارع بلا غرور أو إستكبار أو إبتعاد عن الصراط المستقيم.

المصادر:

1 ) في الصلاة على جعفر بن  محمد عليه السلام  ص ٩١٩ الباب الثالث من جامع مفاتيح الجنان وضياء الصالحين.

٢ ) دعاء الصادق عليه السلام ص ١١٧٣ نفس المصدر.