لندن - د. أحمد الزين - 31-08-2016 :

في الذكرى السنوية الثامنة والثلاثين لرحيل امام الوطن والعروبة السيد موسى الصدر،   أقف حائرا منكسرا حزينا أمام هذه المأساة الانسانية التي طال ليلها، ماذا عساي ان أكتب والكلمات تضيع والحروف تتبعثر والعين تبكيك دمعا ودما،

 

 

والقلب يعصر ألما وحزنا، ليس على غيابك ورحيلك عنا فقط، فانت مضيت شهيدا سعيدا (شهيد الولاية) في اعلى العليين.. إنما أشكو الله تعالى على حال أمتنا المنقسمة، ووضع بلداننا المتناحرة، وواقع محبيك ومريديك  ومخلصيك المهمّش والمغيّب.. وظلم إنساننا المحروم المعذّب..  أشكو الله على من ضيّع الإرث من بعدك،  من أدّعى حامل الأمانة، وقد حوّلها الى  مركز وجاه سياسي عجب.. يعلم أنك وريث الانبياء والرسل من سلالة الطهر النبي محمد (ص) أقرب.. انت غاندي لبنان والعرب.. لا أحد من بعدك أطهر وأجدر وأنسب.. كيف تجرأ على الله إخفاء حقيقة سرّك، الدهر ارهقنا والظهر مال أحدب.. 38 سنة مضت ولا زال علينا يكذب.. بانك حيٌّ بجسدك الرّطب قابع بالصحراء مغيّب..  يستجهل فهمنا ويسلب منا العقل واللبّ.. وانت علمتنا فقه المنطق والأصول والنسب.. فالموت حقٌ من بقدر الله يلعب.. أنت الصدر  نور وبدر في السماء شهب.. كيف حوّل إرثك الى موائد وذكرى وفرصة للنهب.. باسمك الثروة تكدست والقصور والنصب.. وطبقة المحرومين تزداد فقرا ومالهم نضب.. والظلم والفساد طغى والرهب.. (صدقت بقولك: تجار السياسة في لبنان كرسي وشهرة ومجد وتجارة وعلو في الأرض وفساد..)..  غبت إمامي وغاب الإرث والاخلاق  والأدب.. ولم يبقَ من حركة المحرومين وورثة الأنبياء وفوج المعاصر للإمام الحسين الا البكاء والندب..

نعم الامام موسى الصدر شهيد حيٌّ بروحه في جنات النعيم عند مليك رحيم مقتدر.. هو حيٌّ في وجداننا وضمائرنا وعقولنا وقلوبنا.. حيٌّ في علمه ومواعظه وخطبه الاسلامية لتوعية الانسان على الإيمان. (للإيمان بعدين: بعد نحو السماء وبعد نحو الإنسان).. حيٌّ في مواقفه الانسانية لنصرة المحرومين والكادحين ورفض الظلم لأي طائفة كان.. حيّ في زرع فكر المقاومة في أرضنا  فنبت النصر والعنفوان.. (الوطن يحفظ بالجهاد والكرامات تحفظ بالشهادة) ).. حيٌّ في نهضة المؤسسات التربوية والمهنية والجمعيات الشبابية والنسوية، ومشاريع الانتاج والتنمية التي أنعشت المجتمع والإنسان..  حيٌّ في ندواته ومحاضراته  لتقريب المسافات بين المذاهب والطوائف والبلدان.. حيّ في أفكاره النبرة  التي بثت روح التعايش والوحدة والمحبة والتسامح والغفران.. (إنّ المسيحيين هم إخوان لنا في الإيمان وفي الوطن).. حيٌّ في تعاليمه لحبّ الوطن ووحدة أبنائه ولبناء الدولة القديرة الحرة  العادلة.. (لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه سيد حرّ).. حيٌّ في سيرته الوطنية الجامعة التي علمتنا معنى المواطنة والتضحية والشهادة والأباء والرفعة والكرامة والعزة للدفاع عن الوطن والانسان.. (السلاح زينة الرجال).. حيٌّ في استراتيجيته  لوحدة العرب والمسلمين، ودفاعه  عن القدس والمسجد الاقصى ودعمه الثابت لقضية فلسطين والفلسطينين (إسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام.. عيشنا دون القدس موت وذلّ)..

رحم الله روحك الطاهرة.. وغفر الله لنا إجحافنا بنعمة قيمتك وعطاءك، وتفريطنا بالخط والأمانة،  وإجحادنا حقك ومقامك في ترحالك ورحيلك..

السّلام عليك إمامي يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيّا..