لندن – د. أحمد الزين – باحث وكاتب من لبنان – الاربعاء 27-5-2020:::

نكتب تعليقا على فيديو الزعيم الذي انتشر بشكل كبير على الانترنت والذي نجد فيه كلاما محقا ووصفا دقيقا للواقع المرير ، وفي طيات الرسالة الموجهة الكثير من الجرأة والحقيقة ما هو أبلغ من الكلامات، وما يحويه من إنتقاد لاذع وجارح..


نعم، يجب تغيير نمط التفكير بصورة الزعيم الذي ينهب الاوطان والشعب يدفع الاثمان... وما يتبعه من تداعيات بدفع ضريبة الفقر والظلام، والجريمة والإجرام، والبطالة والضلالة، والعمالة والنذالة، والذلّ والهوان، والإنفجار والطوفان، والتهميش والحرمان..

يجب تنوير العقل العربي الجمعي بمحو صورة الزعيم والحاكم بأمره من العقل والوجدان، الذي تجاوز حده وأكثر، واصبح في ظلمه قاهر، وفي حكمه جائر، وفي قوله فاجر، وطغى كيده كالجمر.. والذي يصوره البعض بانه انسان فوق البشر، وان يده طولى تطال القمر.. وانه مقدس بلا شك وارتياب، وهو مسيّر الاسباب، وهو من يوطّف بكتاب، ويأمر فيجاب، ولا يجوز المس به لانه ربّ الارباب، توجب ان تخضع له الرقاب، وتصك له الركاب، وان تصطف الوزراء والمدراء بالباب، وقادة الاحزاب والنواب، والقاضي والمثقف والبواب، والاسد والفيل والغراب، والطاووس والنسر والعُقَاب، والريس والازلام والاذناب، وكل مختال خوّان مرتاب، ومحتال إشر كذّاب..

نحن الشعب من صنعنا الزعيم وزعرانه، كمثل قوم فرعون وهامانه، كقصة طالوت وجالوت وقارونه.. ونحن من نستطيع ان ننزع زعامته عن عنانه، ونردع تسلطه وسلطانه، وندفع عنفه وطغيانه، وجبروته وثورانه، ونحارب فساده وكفرانه، وفجوره وحيتانه، وننهي اوامره ونهيانه، ونبيد ظلمه وعدوانه..

ونحن الشعب من نستطيع ان نضرب على أطراف بنانه، ونمرغ خيله وكبريائه وعنفوانه، وان ينخْ أنفه وغيّه وأضغانه، ويكفْ سطوته ويده ولسانه، ويكفكفْ حقده وكيده واسنانه، لنعيده الى حجمه ووزنه وانسانه..

لانه طاغية يستئثر بالحكم وقضائه ويتربع على عرشه وعليائه عقود من الزمان، بايامه ولياليه وفضائه، المعركة مع الزعيم ستكون قاسية ومكلفة ودامية النتائج: كـ آثار تكسير الامواج على شطآنه ، وآثار إحتواء العواصف بعد هيجانه ، وآثار إطفاء فوهة البراكين بعد غليانه..

ولكن اذا ربحنا المعركة الحاسمة في تحجيم الزعيم وزعامته، سوف يؤدي الى فرج المواطن ووطنه، باسترجاع حقه وإطمئنانه، وامواله واملاكه وشطآنه، وسواد الاستقرار والامن وأمانه، وعودة الانصاف والعدل وأركانه.. وعندها الحياة تحلو كقوس قزح وألوانه، في رغد العيش ونعمانه، في تعايش حضاري ومساواة لكل سكانه، تحت ظل النظام وقانونه، ترعاه قيم الإنسانية وأقرانه، وتعاليم الإنجيل وترانيمه والقرآن وأياته..

وكما يقول حديث العامة: ”وَحَرَّرَ الْمُجْتَمَعَ مِنْ كُلِّ مَا يُسِيءُ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الزَّعِيمِ وَأُلُوهِيَّةِ الْإِنْسَانِ وَوَثَنِيَّةِ الْعَقِيدَةِ“.

وكما يقول الشاعر أحمد شوقي:

ذَهَبَ الزَعيمُ وَأَنتَ باقٍ خالِدٌ

فَاِنقُد رِجالَكَ وَاِختَرِ الزُعَماءَ

من قول عمر بن الخطاب:

مَتَى اسْتَعْبَدتُّمُ النَّاسَ وَقَدْ وَلَدتْهُمْ أَمَّهَاتُهُمْ أَحْرَارًا“.

اللهم جنّبْنا شرّ الشيطان وشرّ السلطان!! وزودْنا بالتقوى والإيمان، وأمننْ علينا بالرضا والرضوان، وأرزقنا الهدى وروضات الجنان، يا أرحم الراحمين وخير الغافرين.

آمين ربّ العالمين.