جورج شاهين – الثلاثاء 01/12/2015 -

عبّر دبلوماسي غربي عن مخاوفه من أن يؤدّي نشر روسيا شبكة راداراتها وصواريخها في شمال سوريا إلى مواجهة من نوع جديد بين موسكو ودوَل الحلف الدولي، فلا تقتصر المواجهة مع أنقرة.

وربّما امتدّت لتشمل دوَل وعواصم أخرى، ما يَرفع منسوب التوتّر الذي قد يُفضي إلى نقيضين: فهل يكون الانفراج أم الانفجار؟يتمسّك الدبلوماسي الغربي في قراءته للتطوّرات الدراماتيكية التي بلغَتها الأزمة السورية والتي لامسَت الذروة منذ أن تدخّلت روسيا في العمليات العسكرية مباشرةً نهاية الصيف الماضي مع كلّ ما رافقَ ذلك من ارتفاع منسوب التوتّر وازدياد حجم التعقيدات التي يمكن أن تنعكس تبَخّراً لكلّ المساعي السياسية التي بُذلت الى اليوم بمجهود دولي وأممي من في مسلسل مؤتمرات جنيف وموسكو وصولاً إلى فيينا وما بينهما من لقاءات متعدّدة في أكثر من عاصمة .

ويزيد الدبلوماسي في توقّعاته السلبية عندما يكشف عن بعض من التقارير الإستخبارية التي تحدّثت عن نقل روسيا منذ منتصف الشهر الماضي شبكات صواريخها وراداراتها المتطوّرة الى قواعدها المستحدثة في الساحل السوري قبل أيام على المواجهة التركية - الروسية فوق جبل التركمان والتي اتّخذت منها ذريعة لتبرير ما وضعَته سَلفاً من أسلحتها المتطوّرة في تصرّف خططها العسكرية.

وهي تنبئ في شكلها ومضمونها وتوقيتها عن مخطط روسي يتعدّى حجم الأزمة السورية وما تحتاجه من عرض للقوّة لتدخلَ المنطقة في أتون مواجهة لا يمكن التقدير بما ستؤول إليه إذا بقيَت طريقة التعاطي مع الأزمة بالشكل القائم حالياً بكلّ اللغات العسكرية والدبلوماسية المعتمدة في موسكو ودمشق وطهران.

ولا يُنكر الدبلوماسي أنّ مضمون التقرير يوجّه اتّهاماً إلى القيادة الروسية بخَوض نوع من المغامرة في سوريا التي لا يمكن استيعاب نتائجها من اليوم بفعل المفاجآت اليومية التي يسعى من خلالها الروس الى فرض أمر واقع جديد يغيّر في حركة وأدوار الدول المعنية بالأزمة السورية.

وعليه، يتضمّن التقرير تحذيراً مِن سعي موسكو إلى جرّ دوَل الحلف إلى مواجهة من نوع آخر تتجاوز في شكلها ومضمونها ما هو معلن من حرب على «داعش» ونظيراتها الإرهابية الى ما يمكن اعتباره مجموعة من الحروب الصغيرة مع دول الحلف بدءاً من المواجهة مع تركيا.

والدليل أنّها نجحت في استدراج أنقرة الى المواجهة بعدما سجّلت القيادة التركية اكثر من 20 خرقاً جوّياً لأجوائها على مراحل سَبقت المواجهة الجوية الأخيرة بينهما امتدّت من الأيام الأولى للعملية الروسية التي اقتربَت من نهاية شهرها الثاني.

ويبرّر التقرير تصرّف أنقرة بالقول إنّ القيادة التركية فَقدت القدرة على ضبط النفس جرّاء الخروقات المتكرّرة لأجوائها وخصوصاً عندما تزامنَت المواجهة مع تطوّر العمليات العسكرية الى مناطق هي الأقرب الى الحدود التركية بغية إنهاء أحلامها ليس بالمنطقة الآمنة وإعادة مئات الألوف من النازحين السوريين من أراضيها إليها فحسب، بل بالتأثير على دورها المباشر في منع ما يهدّد أمن الحدود السورية – التركية المشتركة التي يمكن ان تؤمّن تواصلاً جغرافياً وسياسياً وأمنياً بين الأكراد السوريين والأتراك، وهو ما يَرفع من قلقها على أمنها القومي.

ولا يخفي الدبلوماسي الغربي خوفه من المؤشرات التي دلّت على احتمال تفكّك الحلف الدولي في حربه على داعش، وخصوصاً إذا صحّت المعلومات

بأنّ الولايات المتحدة الأميركية جمّدت طلعاتها الجوّية فوق سوريا بعد نشر روسيا منظومات صواريخها والإنذار الروسي الذي جمّد الطلعات التركية والتي تزامنَت مع التفاهم الفرنسي - الروسي على تنسيق الطلعات الجوّية فوق سوريا.

والأخطر إذا صحّت المعلومات التي تحدّثت عن فرض روسيا استخدامَ الطائرات الفرنسية لثلاثة مسارات فقط من جهة الغرب وأخرى مماثلة من الشمال إذا رغبَت باستمرار طلعاتها فوق سوريا عدا عن التنسيق المسبَق حول أهدافها، وهو أمر جديد لم يلحظه أيّ تفاهم سابق بين القيادة الروسية وأيّ مِن دول الحلف ولا سيّما مع واشنطن ولا تل ابيب.

وبناءً على ما تقدّم، يرصد الدبلوماسي الغربي مسار الأحداث، وهو يرى أنّها في تصاعد خطير قد ينتج عنها مواجهات أخرى روسية – تركية لم يستبعِدها رئيس الحكومة التركية في أيّ وقت تزامُناً مع مواقف للحلف الأطلسي تشجّع تركيا على الصمود والمواجهة أياً كان الثمن.

عدا عمّا يمكن أن تؤدّي إليه الإجراءات الروسية من تصعيد على مسارات أخرى قد تقع في أيّ وقت مع أيّ مِن دول الحلف الذي لم يتخلَّ بعد عن مهمّته في سوريا للروس.

وعليه يُنهي الدبلوماسي قراءته بالإشارة إلى رؤيته لموجةٍ غير مسبوقة من التصعيد لكنّه يرى أنّ أجواء التصعيد المرتقَبة قد تفتح الآفاق على مسارَين متناقضين ويتساءل: هل تقود هذه التطوّرات إلى الانفراج أم الانفجار؟!

.الجمهورية